|
|||
من هو الصارم المسلول؟ من "برق" |
|||
Death Threats Updated |
الطائفية في السعودية: القديمُ الجديد
د. محمد جعفر هاشم آل حسن (جامعة الملك سعود)
لعل من رحمة الله سبحانه بالأمة الإسلامية هو أن جعلها على دين واحد من حيث المنهج، وأعطى مجالاً واسعاً للاختلاف في التفاصيل وفي بعض التأويلات الفرعية لأمور الدين بحسب ما يتاح لكل فرد من فهم ومن وعي وإدراك، وبحسب متغيرات الزمان والمكان والمعطيات المختلفة في الحياة. وقد سعى المسلمون إلى إعمال عقولهم في فهم هذه التفصيلات واجتهدوا في الطرق المنهجية التي حث عليها الإسلام؛ ومن هنا ظهرت المذاهب الإسلامية المختلفة؛ ومن الطبيعي بل ومن السمة المميزة لهذه المناهج أن ثمة اختلافاً تنوعياً فيما بينها في فهم النصوص وتأويلها في المجال المتاح للبشر وفق أطر الإسلام المحددة وثوابته القائمة. والشيء المؤكد أن هذه المذاهب مهما اختلفت في التأويلات وفي فهم بعض التفاصيل الدينية إلا أنها تجتمع في أصول الدين الأساسية، من حيث التوحيد الخالص لله سبحانه والتصديق برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء من قبله، والإيمان بالكتب السماوية وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. كما تتفق في الوقوف معاً في صف واحد ضد من يريد الإساءة للمسلمين ولدينهم ولبلادهم. أما جوانب الاختلاف الفرعية فتدخل من باب التنوع والإثراء، وليس من باب الخلاف والخصومة كما يريد أن يصورها بعض المغالين في الفهم والتصور.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الشيعة -الذين ينتمون إلى أحد هذه المذاهب الإسلامية- يمثلون نسبة كبيرة من المسلمين، وربما يصل عددهم إلى نصف عدد المسلمين أو قريب من ذلك، ومذهبهم له امتداد تاريخي قديم ولا يزال قائماً، وهو مذهب معترف به ليس فقط في الدول التي فيها الشيعة، بل إن الجامع الأزهر الذي يعتبر مرجعاً دينياً له أهميته الكبرى في العالم الإسلامي يعترف بالمذهب الشيعي (الجعفري) ويقوم بتدريسه جنباً إلى جنب مع بقية المذاهب الأربعة الأخرى.
وقد ظهرت بعض الفتاوى من بعض العلماء الأفاضل هنا في السعودية التي تقدم رأياً ضد الشيعة، ومع احترامنا الشديد لهؤلاء العلماء الأفاضل ولجهدهم إلا أن تعميم آرائهم على الشيعة في المملكة غير صحيح واقعياً، فلا يوجد في السعودية روافض أو أناس تسب الصحابة أو تلعنهم كما يزعم البعض، بل الجميع موحدون ومؤمنون بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ويترضون عن صحابته وعن أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين، وإن وجدت آراء نادرة في هذا الشأن فهي بالتأكيد لا تعبر إلا عن صاحبها, ولا يمكن تعميمها على الجميع. فالشيعة مسلمون ومحبون لوطنهم الكريم ولهم ما لغيرهم من المواطنين من حقوق وواجبات في ظل حكومتنا الرشيدة.
والحقيقة أن علماءنا الأفاضل مع مالهم من الفضل والعلم إلا أنهم غير معصومين لأنهم بشر معرضون للخطأ والنسيان، فالآراء التي تخرج على شكل فتاوى منهم ليست منـزهة من الخطأ، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقعوا في بعض الأخطاء وتراجعوا عنها حينما أدركوها، والأمثلة كثيرة في هذا السياق، ومن البديهي القول بأن العلماء من جميع المذاهب تخطئ سواء أكانوا من السنة أم من الشيعة أم غيرهما، وخير الخطائين التوابون، ولكن ذلك لا يعني الطعن في العلماء وانتقاصهم، بل لابد من وجود قنوات حوار ونقاش بين العلماء من مختلف المذاهب بهدف تقليص الهوة بين المذاهب وفهم مجالات الاختلاف باعتبارها تنوعاً واستثمار مجالات الاتفاق فيما يخدم الأمة الإسلامية ويزيد من تماسكها. وربما يتبادر إلى ذهني أن السبب في وجود هذه الفجوة والتي أنتجت مثل هذه الفتاوى يعود إلى افتقادنا إلى التواصل بين علماء المسلمين، وبالذات في بلادنا. ويبدو لي أن هذه الفتاوى لها طابع آخر قد لا يكون طابعاً دينياً، وأتمنى لو يكون للجهات الرسمية دور في منع مثل هذه الفتاوى التي تشيع الفرقة و العداء بين أفراد الشعب الواحد، وفي هذا الوقت الراهن الذي ينعدم فيه الاتصال بين علماء السنة وعلماء الشيعة أرى أن هذه الجهات هي الأقدر على البيان بأن هذه الفتاوى التي صدرت في فترة معينة وفي ظروف ربما لم تتح فيها للمفتي الإطلاع الكافي على مذهب الشيعة القائم اليوم في السعودية- لا تنطبق على المواطنين الشيعة في المملكة، ولابد للتأكيد مرة أخرى لما سبقت الإشارة إليه إلى أنه لا يوجد في بلادنا رافضة، بل إنهم مسلمون شيعة موحدون لله سبحانه وتعالى، لهم ما للمواطنين وعليهم ما على المواطنين في بلادنا.
إن موضوع الطائفية في المملكة العربية السعودية موضوع حسّاس جداً، ويتخوف كثيرون من الدخول في متاهاته، لأسباب عدة، منها ما ذكرته عن انعدام الاتصال بين العلماء ومنها أن هناك من يشيع أموراً غير صحيحة وينسبها للشيعة ويبني عليها الآخرون فهمهم السلبي، وأهم من ذلك أن الجهات الرسمية ليس لها توجه صريح من الموضوع، بمعنى أنه لا زالت الكتب الطائفية ضد الشيعة تُباع وتُوزّع في كل مكان، بل تتم طباعتها على حساب الجهات الرسمية ذاتها، وأكثر من ذلك، فبعض الكتب الدينية التي تُدرّس في الجامعة التي يفترض أن تكون مجالاً للبحث العلمي والنقاش المحايد المثمر- هي للأسف كتب طائفية تتهم الشيعة بالكفر، أو على أقل تقدير تتهمهم بالضلال، وتطلق على الشيعة اسماً مهيناً وهو الرافضة، ولذلك أصبحت الفتاوى تظهر بالطعن في الشيعة مباشرةً أحياناً والرافضة أحياناً أخرى.
وسوف أحاول هنا عرض بعض هذه الفتاوى الصادرة ضد الشيعة في المملكة، وسأعقبها بعرض موضوع شخصي يتعلق بممارسة هذه العنصرية الطائفية ضد ابنتي في المدرسة من قبل معلمات الدين؛ وقد بلغ الأمر أن تم فصل أطفالي الثلاثة من مدارس دار السلام. وهدفي من ذلك هو التنبيه على وجود هذه العنصرية المقيتة اليوم التي تحاول التفريق بين أبناء الوطن الواحد والتمييز بينهم بحسب المذهب، وممارسة الظلم والجور على من يدافع عن أطفاله الذين يهانون أمام زملائهم ويتهمون بالكفر، وقد وصل الأمر إلى إهدار دمه وتهديده بالقتل من قبل بعض المتطرفين! وسوف أعرض الوثائق التي لدي في هذا الموقع، لعلنا يمكن أن نتدارك هذا المرض الذي يريد الفتك بمجتمعنا وتمزيقه من قبل فئة متطرفة تعتقد ملكيتها الكاملة للدين وللحياة وللوطن، فتطرد من تشاء وتُبقي من تريد بحسب فهمها المغالي للحياة بشكل عام وللدين على وجه الخصوص.
فهاهي رسالة من ابن إبراهيم المفتي قبل حوالي 37 عاماً تستشكل وجود معلم شيعي في مدرسة في المدينة المنورة:
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب المعالي وزير المعارف . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد : وصل إلينا الكتاب المشفوعة صورته من حمزة على أفندي أحد أفراد أهل المدينة حول ما ذكره أنه قد تولى أناس من الشيعة التدريس بمدارس المدينة المنورة أحببنا عرضه لمعاليكم والاستيضاح منكم قبل كل شيء فنأمل بعد اطلاع معاليكم عليه الإفادة عن حقيقة الموضوع . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ( ص/م/في 25/1/1386هـ ) [ فتاوى ابن إبراهيم 13/213 ] |
وهاهي فتوى جديدة تصف الشيعة بالمبتدعة:
مذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع في الإسلام أصوله وفروعه ونوصيك بمراجعة كتاب [الخطوط العريضة] و[مختصر التحفة الإثني عشرية] و[منهاج السنة] لشيخ الإسلام بن تيمية وفيها بيان الكثير من بدعهم . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان عبدالرزاق عفيفي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/378] |
وهذه فتوى عن حكم تقليد المذهب الشيعي ويصف الشيعة بأنهم من أهل البدع كالخوارج:
ولا يجوز للمسلم أن يقلد مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية ولا أشباههم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم وأما انتسابه إلى بعض المذاهب الأربعة المشهور فلا حرج فيه إذا لم يتعصب للمذهب الذي انتسب إليه ولم يخالف الدليل من أجله. [فتاوى اسلامية (اللجنة الدائمة) ج1/153] |
وهذه فتوى أخرى حول مبدأ التقريب بين السنة والشيعة، وهنا، كما في السابق، يطلق على الشيعة بالرافضة، وأن الشيعة لا يمكن أن يكون تقارب معهم، كما لا يمكن أن يكون هناك تقارب مع اليهود؟، ولا أدري هل التقارب مع اليهود غير ممكن في ظل الأحداث الأخيرة؟:
التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة ، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعا والترضي عنهم والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء وأن أفضلهم أبو بكر الصديق ، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع، والرافضة خلاف ذلك فلا يمكن الجمع بينهما ، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها. [مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج5ـ156] |
وفتوى أخرى تتهم الشيعة بعبادة أهل البيت وأنه لا يمكن التعاون معهم لضرب العدو الخارجي ويتهمهم بسب الصحابة [مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج5،157]، وهذا أيضاً رد على سؤال حول الشيعة:
فقد تلقيت كتابكم الكريم وفهمت ما تضمنه . وأفيدكم بأن الشيعة فرق كثيرة وكل فرقة لديها أنواع من البدع وأخطرها فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاة إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولا سيما الأئمة الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نسأل الله السلامة مما هم عليه من الباطل. [مجموع فتاوى ومقالات لابن باز ج4،439] |
وهذه فتوى عجيبة لعبدالله بن جبرين حول وجود العديد من الشيعة يعملون في المؤسسات الحكومية ويفتي بالتضييق وإهانة الشيعة وأن لا يبدأهم بالسلام وأن يظهر الكراهية في وجوههم، الخ (الفتوى بتاريخ 23/8/1421 هـ:
يكثر الابتلاء بهم في كثير من الدوائر من مدارس وجامعات ودوائر حكومية، في هذه الحال نرى إذا كانت الأغلبية لأهل السنة أن يظهروا إهانتهم وإذلالهم وتحقيرهم وكذلك أن يظهروا شعائر أهل السنة فيذكرون دائم فضائل الصحابة ويذكرون الترضي عنهم ومدائحهم وتشتمل مجالسهم على ذكر فضل القرآن وعلى ذكر _ تكفير من حرفه أو ما أشبه ذلك_ لعلهم أن ينقمعوا بذلك وأن يذلوا ويهانوا وتضيق بذلك صدورهم ويبتعدوا، أما معاملتهم فيعاملهم الإنسان بالشدة فيظهر في وجوههم الكراهية ويظهر البغض والتحقير والمقت لهم ولا يبدأهم بالسلام ولا يقوم لهم ولا يصافحهم، لكن يمكن إذا ابتدؤا بالسلام _ أن يرد عليهم بقوله وعليكم أو ما أشبه ذلك |
وفتوى أخرى لابن جبرين حول الجهاد بين فئتين مسلمتين (سنة وشيعة) (الفتوى بتاريخ 23/8/1421 هـ) ويصف الشيعة بالشرك وأن من الواجب قتالهم:
وعلى هذا إن كان لأهل السنة دولة وقوة وأظهر الشيعة بدعهم، وشركهم، واعتقاداتهم، فإن على أهل السنة أن يجاهدوهم بالقتال، بعد دعوتهم ليكفوا عن إظهار شركهم، وبدعهم، ويلزموا شعائر الإسلام، وإذا لم تكن لأهل السنة قدرة على قتال المشركين، والمبتدعين، وجب عليهم القيام بما يقدرون عليه من الدعوة، والبيان، لقوله تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) |
إذاً لا غرابة أن يستمر الحال كما هو عليه من التجني على الشيعة واتهامهم بالكفر، الشرك أو بالضلال وتحقيرهم والتمييز ضدهم في جميع المجالات، وهذا ليس في الكتب التي تصدر والفتاوى، بل في الإذاعة والتلفزيون، فأكل ذبائح الشيعة حرام، والزواج منهم حرام، ودفن موتاهم في مقابر المسلمين حرام كما قال ذلك الكثير من مشايخ الحكومة، وآخرهم الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد في برنامج ديني يوم الجمعة على إذاعة إم بي سي قبل أشهر، ولكن هذا لا يتناقض مع أكل ذبيحة الذميين والزواج منهم أليس كذلك؟. إلى هنا ليس جديد في الموضوع، ولكن زاد عن ذلك أن تخرّج من هذه الكليات والمعاهد معلِّمين ومعلِّمات مواد الدين وعلى مدى عقود من الزمن استقوا مبدأ التكفير للآخرين وأنه من مبادئ الدين أن تقوم بتكفير الشيعة ووصفهم بأشنع الأوصاف. فأصبح من المسلّمات أن يقوم المعلّم أو المعلّمة بوصف الشيعة بالكفر أو الضلال. ووصل الأمر إلى أن هذا الموضوع يعاني منه كل شيعي، سواءً في شرق المملكة أو غربها، شمالها أو جنوبها، طالما أن معلمي المواد الدينية يستقون علومهم من نفس المصادر التي تكفّر الشيعة دون أن يكون هناك أي نوع من الاعتراض من أي جهة مسؤولة.
من التمييز الطائفي هو منع إنشاء مدارس بنات خاصة ورياض أطفال خاصة في مناطق الشيعة بسيهات والقطيف وصفوى بالمنطقة الشرقية بأمر من رئاسة تعليم البنات (سابقاً) ولا تسمح الرئاسة بوجود مديرة مدرسة شيعية في أي مدرسة بنات في المناطق الشيعية. التفاصيل في هذا الرابط. وهذه بعض الأمثلة قبل الدخول في تفاصيل، كنت قد حضرت محاضرة للدكتور بدر حمود البدر في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وكان ذلك قبل دخول الإنترنت إلى المملكة (عام 1417), وكان عدد الحاضرين يزيد على 300 شخص، والموضوع عن الإنترنت وكيفية الإبحار فيها، وهي محاضرة عامة، وتحدث عن الكثير من جوانب الإنترنت، وأعرج قائلاً بما معناه أن هناك مواقع مشبوهة منحرفة شيعية يجب الحذر منها، وقاطعته بقولي على أي أساس تحكم على الآخرين بهذه الأوصاف، ورد أن النقاش بعد المحاضرة. أرسلت فاكساً لمدير المدينة د. العذل وهذا نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الأستاذ صالح بن عبدالرحمن العذل المحترم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لقد حضرت اليوم (1 صفر 1417 هـ) محاضرة عن الإنترنت وقد ألقاها الدكتور بدر حمود البدر. لقد كنت ومازلت من المهتمين بالإنترنت حيث لم يمض على قدومي من أمريكا أكثر من عام واحد، لذلك حرصت على حضورها.
لقد كانت المحاضرة ممتعة ومفيدة جداً حتى تكلم الدكتور بدر بكلمات بعدها تصببني العرق وازدادت دقّات قلبي وكرهت متابعة المحاضرة لولا أني رغبت في متابعة المعلومات. تكلم الدكتور بدر عن مواقع مشبوهة ومنها ترجمة للقرآن الكريم على الإنترنت، وأعتقد أن هناك كذلك الفرق المنحرفة كالشيعة والبهائية وغيرها. لم أتمالك نفسي بأن رفعت يدي وقلت: "على أي أساس اعتبرت الشيعة بالفرقة المنحرفة، وهذا تعميم سيئ وغير مقبول"، فرد بأن النقاش بعد المحاضرة.
فجلست طوال المحاضرة أضرب أخماسً بأسداس وكيف أنه أي د. بدر أقحم موضوع بهذه الحساسية بالإنترنت واتهم الشيعة بالانحراف أما العشرات من الناس وأن ضمنهم.
انتهت المحاضرة وهممت بالذهاب له ومحادثته لولا استوقفني أحد الحاضرين واعتذر لي وقال إنها هفوة حيث كلنا مواطنين وهناك هدف أسمى وأهم وهو الوحدة الوطنية، فهذه الخزعبلات لا تليق بالموقع ولا بالشخص، وخرجت معه نتحادث حتى أقبل مطوّع آخر وقال لي: أأنت معترض على ما قاله د. بدر، فقلت نعم، فقام بالتجريح وترديد أن الشيعة أخطر على الإسلام من اليهود وأنه قريباً سيأتي اليوم الذي يتم فيه حصادنا. طبعاً ضحكت "فشر المصيبة ما يضحك" وقلت: "إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" وتركته في كلامه وذهبت
طبعاً نحن لا نحتاج إلى أي دليل في إثبات إسلامنا وولائنا للوطن، ولم يفرق دستور وطننا بين المواطنين, وبالذات في هذه الفترة الحرجة بعد حوادث الاعتداء في العليا، وعلميات التكفير والإخراج من الدين وحل دماء المسلمين، كل هذه تنعكس على الوحدة الوطنية والتي كلنا ينادي ويطالب بها، فمصيرنا مشترك. فلم تفرق إسرائيل بين الفلسطينيين السنة واللبنانيين الشيعة حين تقصف أو تقتل، فنحن بأشد الحاجة للتلاحم.
كم تمنيت أن تكون المدينة على الأقل مركزاً علمياً منيراً وأن لا يكون هناك دعاة التطرف والطائفية. لقد خاب ظني بالدكتور بدر حيث أنه متعلم ومطّلع ومع ذلك لم يمنعه تعليمه من التشنيع واتهام الشيعة بالانحراف في محاضرة لم يكن للشيعة فيها ناقة ولا جمل.
أرجو من معاليكم التنبيه للعاملين وبالذات أصحاب النفوس المريضة بالدخول في تلك مواضيع شخصية وإقحامها على المدينة وأن يعاقب كل من تسول له نفسه المس بالوحدة الوطنية وتكفير المسلمين، شاكراً لكم حسن اهتمامكم.
كما أرجو أن يكون هناك تواصل بين هؤلاء النوعية من الناس مع جهات متخصصة لمحاولة إثناءهم وتعليمهم بأهمية وخطورة تلك المواضيع والتي لربما سببت شرخاً في هذا الوطن الغالي والذي نحن في غنى عن هذه مشاكل. فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم "مازالت الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" وهؤلاء دعاة فتنة لعنهم الله في كتابه.
د. محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود
اتصل بي د. العذل وطلب مقابلتي، وذهبت لمكتبه. الحق يقال فإن الدكتور العذل رجل على خلق عالٍ وشدد على أن موضوع الطائفية لم ولن يكون من سياسة المدينة، وكان نائبه موجوداً أيضاً (لا أذكر اسمه) وقال أنه كان في المحاضرة وسمع ما قاله د. بدر حمود البدر، وبين لي د. العذل بأنه تم التحدث للدكتور البدر حول ما قاله، ولكن هل تم معاقبة د. البدر، بالطبع لا، فهو نال من الشيعة، وهذا لا يستوجب العقاب، أليس كذلك؟
ولهذه الأسباب حدث خوف لدى الشيعة في بعض مناطق المملكة، كما في المدينة المنورة، فأخفوا مذهبهم بسبب الاضطهاد الذي يتعرض له الشيعة هناك ومنذ مدة ليست بالقصيرة حتى لا يتم تمييزهم على أسس طائفية، وتظاهروا بأنهم سنة، وأعرف البعض منهم، وأذكر أن قام أحد الطلاب بزيارتي واعتذر لي، لماذا؟ لأنه شتمني عندما شتمني طلاب آخرين كان يمشي معهم، ولإثبات أنه لا ينتمي للمذهب الشيعي، حتى مع أن الطلاب الذين شتموني لم أقم بتدريسهم ولا أعرفهم. ولا ننسى توزيع المنشورات التي تنال من الشيعة في جامعة الملك سعود وتتهمهم بالكفر وأنهم أخطر على الدين من اليهود والنصارى. كذلك المواقع على الإنترنت والتي تعيث في الأرض فساداً وتدعو للطائفية والعنصرية والعنف، ولكن دون أن يتم حجبها، ولكن ما أن يخرج موقع شيعي، وخاصةً في مجال النقاش والمنتديات، إلاّ والحجب مصيره دون أن يكون هناك أي مبرر.
ومن المشاكل الطائفية البغيضة هو وصم الشيعة بالكفر أو بالضلال أمام أطفالنا في المدارس وعلى يد معلمي ومعلمات الدين، وحتى مع الشكوى، ترى الموضوع مكانك راوح، أي لا فأئدة ولا عقاب للمعلم أو المعلمة. ففي أحسن الأحوال، سيتم التنبيه على المعلم أن لا يدخل في هذه المواضيع والالتزام بالمنهج، ولو حدث ذلك في أي بلد آخر لتم طرد المعلم أو المعلمة، وربما السجن أيضاً والاعتذار العلني لنا ولأطفالنا. وهذه الحوادث ليست فردية، بل هناك بدل القصة قصص عند كل طفل أو طفلة ينتمي للمذهب الشيعي ويدرس في المدارس الحكومية أو الأهلية.
قبل عدة سنوات، وبالتحديد عندما كانت ابنتي في الصف الرابع الابتدائي بمدارس دار السلام الأهلية، قامت المعلمة عائشة والتي تقوم بتدريس مادة الفقه بوصف الشيعة بأنهم من الفئة الضالة. فقمت بالاتصال بالمدرسة والتحدث مع المعلمة وكيف أن الحديث من هذا النوع لا يليق خاصةً مع أطفال لا يجب إدخالهم في متاهات عقدية وطائفية، فكان ردّها هو أن هذا رأيها. فكان لا بدّ من التحدث لإدارة المدرسة، وكتبت خطاب في حينه وتحدث مع إدارة المدرسة حول الموضوع، وتم التحدث مع المعلمة بأن لا تخرج عن المنهج. بعدها بعامين، في يوم السبت الموافق 5/8/1420 هـ حيث كانت ابنتي في الصف السادس الابتدائي بمدارس دار السلام الأهلية نفسها، تتكرر الطائفية وعلى يد المعلمة فوزية معلمة الدين وقامت بوصف الشيعة كسابقتها بأوصاف طائفية، وتحدثت مرةً أخرى مع المدارس وقمت بإرسال خطاب حول الموضوع، وهو كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
مديرة مدارس دار السلام الأستاذة هند الهذلول المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
ونحن نرى ما يحدث من حولنا في العديد من الدول المجاورة من مشاكل داخلية وصلت إلى إباحة الدماء بين أبناء البلد الواحد، والمسلم في أغلب الأحيان، كماهو الحادث في الجزائر، وما يحدث في دولة مسلمة مثل باكستان من مذابح بين الطوائف المسلمة، حيث يتم قتل المسلمين في المساجد وباسم الدين، نحمد الله أن هيأ لهذه البلاد حكّاماً أقاموا العدل حيث لم يُفرّقوا بين أبناء الوطن الواحد وكلهم من المسلمين، فلم يُفرّق دستور الوطن بين طائفةً وأخرى، وكُلنا أمام القانون سواء.
ولكن يبدو أنه مازال هناك من يحاول أن يسيء لهذا الوطن وأن يثير النعرات الطائفية والتي لن تجلب سوى الخراب والدمار لهذا الوطن الغالي علينا جميعاً. إن أكثر ما يحزّ في النفس هو وجود هؤلاء الأشخاص في المجتمع ويعملون على هدم قواعده، مثل ما ذكرت معُلمة العام الماضي في مدرسة دار السلام عن الشيعة بأنهم من الفئة الضالة، وهاهي المشكلة تتكرّر مع أنني كتبت حينها خطاباً موجهاً إلى الأستاذة لينا زياد أدهم حول الموضوع.
إن ما حدث يُعتبر وصمة عار، حيث أن المعلمة فوزية معلمة الدين "مادة التوحيد" في يوم السبت الموافق 5/8/ 1420 هـ أجابت على سؤال بعض الطالبات يستفسرن عن وجود من يعتقد بأن جبريل الأمين المرسل من رب العالمين أخطأ ونـزل على نبي الهدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينـزل بالوحي على علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، فكانت إجابة المعلمة أن الشيعة هم يعتقدون ذلك. كانت ابنتي من ضمن طالبات الصف "السادس" فردّت أن هذا غير صحيح، فأجابتها بما معناه "إيش عرّفك إنتي".
في يوم الأحد قابلت ابنتي المعلمة وأخبرتها بأن الشيعة لا يعتقدون ذلك، فردت عليها بأن الشيعة عدة فرق، وبابتسامة صفراء. ولا أدري من سمح للمعلمة طرح هكذا مواضيع، وبدل أن تتراجع عن موقفها الخاطئ والغير مُبرر، تراها تصر على رأيها، وهو ليس المتعارف عليه من قبل معلمة توحيد. إضافةً إلى أن المناهج لا تذكر شيئاً عن الشيعة وهناك تعليمات مباشرة تمنع الدخول في تلك المواضيع، ولكن يبدو أن المعلمة فوزية أصبحت بين ليلة وضحاها عالمة بالمذاهب الإسلامية وتريد أن تُعلّمنا نحن الشيعة مبادئ مذهبنا.
نعم، لا يوجد بين الشيعة من يعتقد بما قالته المعلمة، إلاّ في عقلها المريض فهي لا تعرف عن الشيعة إلاّ ما تسمعه من المرضى أمثالها وتُريد أن تقوم بدور الهادم والـمُسمم لعقول أطفالنا الأبرياء الذين يتعاملون مع بعضهم البعض بكل طيبة وبراءة وحسن نية. لقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " مازالت الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"، فما شعور ابنتي الآن بعد أن قالت المعلمة ما قالت؟ ولماذا لا يتم التشديد على معلمات الدين بعدم الدخول في تلك المواضيع؟
أليس الأجدر بنا أن نحافظ على هذا الكيان المسلم بدل الدخول في متاهات لا تجر إلا الويلات والمصائب، وربما سفك الدماء. إن ما ذكرته المعلمة ليس مقبولاً ليس مني فقط، ولكن من قادة هذه البلاد حفظهم الله الذين لا يألوا جهدا للحفاظ عليه من هكذا منتسبات للدين والوطن.
إن أكثر ما أرجوه هو أن تعتذر المعلمة عن ما قالته للطالبات حتى يعلمن أن ما قالته ليس صحيحاً وأن الشيعة أبرياء من هذه الأقوال والأفعال، ونحن كلنا نشهد أن لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله أبناء وطن واحد. إن مصير أبناء الوطن واحد، والعمل على هدم أي جزء فيه يعني العمل على هدمه كله، وهذه المعلمة يجب أن تعلم بأن الشيعة ليسوا كما يقال "كبش فداء" وشتمهم لا يوجب العقوبة، فأنا أستطيع إيصال ما قالته إلى من يستطيع اتخاذ القرار في هذا العمل الشائن
طبعاً لم تعتذر المعلمة ولا يحزنون، وبعدها قمت بالتحدث مع الأميرة منيرة الفيصل والتي تملك المدارس ووعدتني بأن لا يتكرر أي موضوع له علاقة بالطائفية، ولكن يبدو أن هذه الوعود لا يمكن الوفاء بها، ففي يوم الأربعاء 2 صفر 1423 هـ، عادت المشكلة للظهور مرةً أخرى، وبشكل أقبح، وأتت ابنتي باكية تحدثني عن ما حصل في حصة معلمة الدين (ثاني متوسط)، وهو بالنص كما كتبته:
يوم الاثنين 2/صفر/1423 هـ الحصة الثالثة
المادة: توحيد المعلمة: نوره القحطاني مدارس دار السلام
الدرس: في العبادة
بدأت المعلمة شرح الدرس والذي يتكلم عن العبادة وعن العقيدة عرّفت المعلمة وبعد ذلك بدأن في التكلم في جوانب العقيدة – جزء من الدرس – وهي:
1- الإيمان بالله ووجوب وحدانيته والإيمان بالرسل.
2- القيام بجميع ما أمر الله تعالى به وفق ما شرع.
قالت: من دون بدع، ثم قالت ما معناه: بالمناسبة – أي ذكر النقطة الثانية، وهي تقصد مثال على البدع التي تنتشر – أن طالبة في الصف الأول متوسط كانت توزع أوراق عن الصلاة تحتوي هذه الأوراق على أركان الصلاة وصفتها، وبعض الأدعية التي تُقال في أثناءها أو بعدها، وقد استلمت هي (المعلمة) نسخة من الأوراق وتركتها في دفتر لمدة أسبوع، وبعد ذلك وهي تقرأها انتهت إلى أن الأدعية الموجودة هي أدعية صوفية.
تعجبن الطالبات لأنه لم يمر عليهن هذا الاسم من قبل، لكن إحدى الطالبات (العنود آل الشيخ) تكلمت وقالت: فرقة مثل الشيعة علماً بأن ذلك قرّب المعنى للطالبات لأنهن يعلمن بوجود هذه الفرقة – لكن المعلمة أكملت وأجابت: فرقة ضالة مثل الروافض – وذكرت أمثلة أخرى لا أذكرها جميعها، سألت إحدى الطالبات: والشيعة؟ إذا كانت ضالة أم لا؟ فأجابت المعلمة: فرقة ضالة أيضاً. حاولت أن أكلم المعلمة لكنها تجاهلتني قليلاً، ثم انتبهت لي فقلت أن هذا ليس صحيحاً لأننا لا يمكن أن نعرف أي الفرق هي الناجية، لكنها أنكرت ذلك وقالت: أن أتباع مذهب أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية وبدأت بالشهادة على ذلك بحديث (انقسم اليهود إلى 71 فرقة ... إلى آخر الحديث).
لكنني قاطعتها وقلت أن الرسول قال أن واحدة هي الناجية ولم يحدد من، لكنها قالت أن هناك كتاب لا أذكر اسمه يتكلم عن جميع الفرق الثلاثة والسبعون ويبين من هي الفرقة الناجية، ولتبين أن كلامها صحيح قالت: أن الشيعة يقولون أن أبا بكر وعمر سيدخلون النار، فتضايقت كثيراً وأخبرتها أنني شيعية وأن هذا ليس صحيحاً وأننا لا نشهد لأي صحابي أياً كان بالنار. لكنها أنكرت ذلك وأكملت بقولها أننا نحن – تقصد السنة – نصلي الظهر أربع ركعات، وبعدها ركعتين سنّة، أما هم- وتقصد الشيعة – يصلونها 8 ركعات وبعدها ركعتين سنة، فقاطعتها وأخبرتها بالحرف – هذا كله افتراء، لكنها (المعلمة) ردت بالحرف: لا ليس افتراءً.
وبعدها تجاهلتني وبدأت في سماع كلام طالبة في الخلف وهي نفس الطالبة التي قالت الصوفية فرقة مثل الشيعة. وقالت الطالبة (العنود آل الشيخ) أن بعضهم – تقصد الشيعة أو مجموعة من الشيعة – يقولون أن جبريل أخطأ وبدلاً من أن ينـزل الوحي على علي بن أبي طالب، أنزله على محمد. طبعاً هذا كله افتراء في افتراء – فقالت المعلمة – أن الشيعة أكثر من فرقة ومنها ما يكون قريباً من مذهب السنة والجماعة – وهي تقصد أنها أقل ضلالاً من الأخريات – وبعد ذلك أكملت آخر فقرة في الدرس وهي وحدة العبادة وهي تتكلم – الفقرة – عن أن الله لا يفرق بين أبيض وأسود ولا بين عربي وأعجمي.
طبعاً، وكالعادة، قمت بمراسلة مديرة المدارس مبدياً قلقاً أكبر وحنقاً وكرهاً لمعلمة الدين وللمدرسة ككل بسبب تكرار نبرات التكفير والوصف بالضلال، وكان خطابي هذه المرة، ليس كسابقه، فليس به الكثير من اللياقة في الحديث، بل اتهام مباشر للمدرسة بالتقصير والكذب، وعدم الاكتراث بنا نحن الشيعة، وكأننا لسنا مواطنين، أو مواطنين درجة عاشرة، وكان الخطاب هو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الاثنين 15 أبريل 2002 م
سمو الأميرة منيرة الفيصل حفظها الله ورعاها،
هذه الرسالة الثالثة التي أقوم بإرسالها لمدارس دار السلام، وتعليقاً على نفس الموضوع، وهو الطائفية البغيضة التي تقوم بإثارتها معلمات الدين مرةً أخرى. لقد خاب ظني في المدرسة وكم تمنيت أن لم أقم بإدخال أطفالي في هذه المدرسة، والتي سمعتها بدأت بالانحدار يوماً بعد يوم.
وللأسف، حتى بعد الوعود التي قطعتها المدرسة بالتنبيه على معلمات مادة الدين في عدم الدخول في مواضيع لها عواقب وخيمة على الوطن ككل، حيث التفرقة البغيضة وتكفير الآخرين ووصفهم بالضلال، لا تزال نفس المشكلة مما يعني أن المدرسة لم تفي بوعدها، فباتت سمعتها تنحدر من سيء إلى أسوء ليس في مجال التعليم فقط (للمعلومية، فمعلمة اللغة العربية لا تجيد التعامل مع اللغة العربية ولها أخطاء عديدة، ووعدتنا المدرسة بالتعاقد مع معلمة متميزة، ولكن يبدو أنها وعود عرقوب)، بل في المجال الديني الأخلاقي، فهاهي معلمة الدين نوره القحطاني تتهم الشيعة بالضلال (الاثنين 2 صفر 1423 هـ) ، وحتى مع وقوف ابنتي معترضة على ما تقول، تصر المعلمة بدل الاعتذار عما قالته من كلام وقح يوجب العقوبة، بل الطرد من المدرسة.
فمتى معلمة مثل معلمة الدين لم تفقه سوى أدنى المعرفة بالمذاهب تقوم بالفتوى بضلال عدة ملايين من المواطنين المسلمين والذين لهم حقوق في هذا الوطن، كما عليهم واجبات. فليس هناك فرق بين المواطن الشيعي وأخيه السني في هذا الوطن، والحمد لله والشكر له، فقادة هذا الوطن طالما بيّنوا أهمية الوحدة الوطنية، فلا يوجد مواطن درجة أولى، وآخر درجة ثالثة، فكلهم متساوون أمام الله والقانون. ولو كان الشيعة ضالين كما تدّعي هذه الخرقاء، لكان أحرى بقيادة هذا الوطن بيان ذلك، ولكن اليد القذرة والمتخفية بلباس الدين هي التي تعمل على تقويض عرى الأخوة والمواطنة لمسلمين موحدين مواطنين، لا يوجد أدنى شك في انتماءهم لهذا الوطن الغالي علينا جميعاً. فهكذا ما يطلق عليهن معلمات دين، الأحرى بهن أن يعطين دورات في أسس الدين أولاً، أو يجلسن في بيوتهن حتى يقل خطرهن على المجتمع.
وكأن معلمات الدين أصبحن بين ليلة وضحاها عالمات في المذاهب الإسلامية، ويقمن بتعليمنا مبادئ ديننا الحنيف، وكذلك ممارساتنا الدينية والتي تعكس مذهبنا الشيعي الجعفري. إن ما قالته المعلمة بالحرف الواحد "الشيعة فرقة ضالة" وأن الشيعة يقولون بأن أبا بكر وعمر سيدخلون النار، وحتى مع نكران ابنتي لهذه الأقوال الغريبة والتي لا نؤمن بها، تصر معلمة "أو بالأحرى هادمة" الدين بأن تقول أن الشيعة يصلون الظهر ثمان ركعات بدل أربع. إن إصرار هذه المعلمة على ما تقول لا يعنيني في شيء، سوى أنها معلمة في المدرسة، ورأيها لا يهم، فهي أصغر من أن تُناقش في مسائل الدين، ولكن أن تقوم بإفساد المجتمع والكذب والتلفيق، وإقصاء الآخرين، فلا يوجد أحد مسلم سواها، أو أمثالها، فهذا علماني، وذاك كافر، وهذا شيعي، وآخر، وآخر.
إن هذه النفسية المريضة والتي لا ترى صواباً غير نفسها، ودخولها في سخافات باستمرار مثل حف الحاجبين "النامصة والمتنمصة" وأن من يفعل ذلك يدخل النار، وقول ذلك باستمرار للطالبات، وكأن لم يبقى من مشاكل المسلمين سوى هذه المواضيع التافهة للنقاش.
إن كنّا الشيعة كما تقول هذه الغبية المتعصبة الخرقاء، فلا يحق لنا أن يدرس أطفالنا في مدرسة دار السلام، وإن كان كلامها محض كذب وافتراء، فيجب معاقبتها.
أقسم بالله، أن يكون هذا العام هو العام الأخير لأطفالي في هذه المدرسة إذا لم يتم فصل هذه المعلمة من المدرسة، أو لم تعتذر المعلمة أمام طالبات الفصل عن ما قالته، كما أهانت ابنتي أمامهن، فلا يشرّفني ولا يشّرف أطفالي أن يتعلموا في مدرسة بها هكذا معلمات.
د. محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود
وأخبرت ابنتي أن لا تحضر حصة المعلمة نورة القحطاني وتحت أي ظرف احتجاجاً على ما قالته عن الشيعة، وقمت أيضاً بإرسال فاكس لمعالي نائب وزير المعارف د. خضر القرشي وهذا نص الفاكس:
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي نائب وزير المعارف لشؤون تعليم البنات، حفظه الله،
إن قرار ولي الأمر حفظه الله بضم رئاسة تعليم البنات إلى وزارة المعارف له أصداء واسعة لا زالت تتردد تشكر الملك فهد حفظه الله لما له من أيادي بيضاء في جميع المجالات، وخاصة مجال التعليم، حيث كان الملك فهد أول وزير للمعارف. لقد استبشرنا خيراً كما استبشر جميع المواطنين، حيث أن الرئاسة نشرت الصحف لها العديد من المشاكل والتراكمات والتي أدت إلى ذلك القرار. وأنا كنت من ضمن من كتب عن الرئاسة العديد من المقالات في الصحف المحلية، وأخص بالذكر في صحيفة الاقتصادية، وكذلك على الإنترنت. وها نحن متفائلون بأن يكون هناك تغيير جذري في إدارة الرئاسة خاصة ومعاليكم من يذكر له الإخلاص والجد في العمل لخدمة هذا الوطن وأهله.
في هذه الفترة الحرجة من التاريخ، وخاصةً بعد أحداث سبتمبر الأليمة وما آلت إليه من حروب ومآسي، بات من الواضح للجميع أن وحدة الصف الداخلي هي من أهم مقومات أي دولة، بل هي أساس أي دولة، لكن يوجد من يسيء إلى الوطن ويحاول بشتى الطرق إثارة النعرات الطائفية والتي لا سمح الله تهدد هذا الكيان المسلم. ولنا عبرة في ما يحدث في الجزائر، الباكستان، وسابقاً في أفغانستان. إن هذه الفئة وباسم الدين تقوم بتمزيق وحدة الوطن بوصفها طائفة أو أخرى بالضلال أو الكفر، ونحن إذ نعيش في بلد مسلم، ومواطنيه جميعهم من المسلمين، فمن أباح لهذه الفئة بتكفير الآخرين؟ إن كان ما يحدث عن جهل، وهذا ما أتمناه، فيجب تصحيح مفاهيمهم، ولكن إصرار البعض يعني أنهم أمنوا العقوبة، ونحن كلنا أمل في معاليكم أن يكون لكم الدور الفاعل في رد هذه الفئة على أعقابها ومعاقبتها لما لها من خطر على الوطن ووحدته.
لقد قامت معلمة الدين في مدارس دار السلام الأهلية (الأسبوع الماضي، على ما أعتقد يوم الاثنين الموافق 15/4/2002 م الموافق 2 صفر 1423 هـ) ، والمعلمة اسمها: نوره القحطاني والتي تقوم بتدريس طفلتي (الثاني متوسط)، قامت المعلمة بوصف الشيعة بالضلال، وقالت الكثير، ولكن من ضمن ما قالته أن الشيعة يصلون الظهر ثمان ركعات، وأن الشيعة يؤمنون بأن جبريل عليه السلام نزل بالخطأ على نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله. قامت ابنتي وقالت هذا محض افتراء، لا يوجد في الشيعة من يؤمن بذلك، ولكنها أصرّت على قولها.
السؤال هنا: من سمح لهذه المعلمة بالدخول في هذه المواضيع؟ هل ما تقول موجود في الكتاب المدرسي؟ طبعاً لا. إن كلام المعلمة غير مقبول من أولي الأمر والمسئولين حفظهم الله، أمثالكم، ولكن هذه المعلمة أمنت العقوبة، وأصبح العديد من مرضى النفوس يرى أن شتيمة الشيعة لا توجب العقاب، ولربما العكس من ذلك، فهل أصبح الشيعة "الطوفة الهبيطة" كما يقال؟ ولماذا لا يتم معاقبة هذه المعلمات المنتسبات للدين وباسم الدين تنفث السم في المجتمع؟ إن هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها في مدارس دار السلام، بل هذه المرة الثالثة، وقد تحدثت مع إدارة المدرسة، وكالعادة وعدوني خيراً، ولكن يبدو أن هذه الوعود هي وعود عرقوب، فلم يتم معاقبة المعلمات السابقات، وهاهي المعلمة الحالية تمرح في المدرسة، وكأن شيئاً لم يكن.
ما هو شعور ابنتي الآن بعد كل هذه الحوادث، خاصةً بين زميلاتها واللاتي بينها وبينهن كل حب ومودة وصداقة على مدى عدة سنوات؟ كيف لابنتي أن تحضر الحصة والمعلمة تعتقد أن ابنتي ضالة، حتى مع أداءها جميع الواجبات الإسلامية؟ ومع أن ابنتي الأولى على جميع الفصول للثاني متوسط، فهي الآن ترفض دخول الفصل الدراسي للمعلمة.
كلنا أمل في معاليكم أن تقوموا بمعاقبة هذه المعلمة وغيرها من مرضى النفوس اللاتي تسول لهن أنفسهن المس بمواطنة أي فئة والإقلال من قدرها، سواءً بالتكفير أو بوصفها بالضلال، وكذلك تهديد الوحدة الوطنية لهذا المجتمع المسلم حفظه الله من كل مكروه، ونتوقع من معاليكم التنبيه على جميع المدارس الحكومية والخاصة عدم الدخول في هذه المواضيع من الأساس، والالتزام بالمنهج الدراسي.
حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم لما فيه مصلحة هذا الوطن وأهله.
* مرفقاً خطاباً سابقاً لمدارس دار السلام حول تصرفات معلمة دين أخرى.
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
جامعة الملك سعود
وفي نفس اليوم مساءً اتصل بي شخصياً معالي د. خضر القرشي، والحق يقال فقد أخجلني بتواضعه وسرعة استجابته، ووعدني خيراً، ومن ضمن ما قاله، أننا ابتلينا بجاهلات "يعني معلمات الدين" وأنه لن يدع الموضوع يمرّ مر الكرام. لقد فاجأني سرعة استجابته، مقارنةً بالرئاسة سابقاً، خاصةً في المقالة التي نشرتها عن الرئاسة حول عدم السماح بإنشاء مدارس بنات خاصة في المناطق الشيعية في المنطقة الشرقية، كما ذكرت سابقاً. ولم أكتف بذلك، بل أرسلت برقية إلى سمو الأمير سلمان أمير منطقة الرياض بتاريخ 21/4/2002م، وهذا هو نص البرقية:
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله،
هذا أول خطاب لسموكم الكريم والذي كلي أمل أن يلقى منكم القبول الحسن وأن أرى نتائجه في أقرب وقت.
كما يعلم سموكم الكريم أهمية الوحدة الوطنية ومعاقبة من يمس هذا الكيان العظيم الذي ننتمي إليه منذ توحيد المملكة العربية السعودية علي يد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود.
لقد تجرأ البعض من ضعاف النفوس على تكفير أبناء هذا المجتمع من الموطنين الشيعة, والجهر به، وكأنهم أمنوا العقوبة، أو هكذا خُيّل لهم.
فهاهي معلمة مادة التوحيد: نوره القحطاني (2 صفر 1423 هـ) تصف الشيعة بالضلال وأن الشيعة من الفئة التي تدخل النار وأن الشيعة يقولون بأن الخليفة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما سيدخلون النار.
مع اعتراض ابنتي وقولها هذا افتراء لا يؤمن به الشيعة، إلاّ أن المعلمة أصرّت وقالت هذا صحيح.
لقد قمت بالتحدث مع إدارة مدارس دار السلام، حيث أن هذه المرة الثالثة التي تتكرر فيها هذه المسألة، ولكن لا يبدو أن المدرسة تولي هذا الموضوع أي اهتمام، فلم يتم معاقبة المعلمة.
نرجو من سموكم الكريم التدخل الشخصي لإيقاف دعاة الفتنة والمس بوحدة الوطن ودعاة التكفير والتضليل.
إن هذه المعلمة يجب أن توقف عند حدّها وليس فقط التنبيه عليها، بل طردها، لأن ما فعلته يتعارض مع ديننا الحنيف ومع دستورنا والذي لا يفرق بين المواطنين شيعة وسنة.
إضافةً إلى أن كتب الدين لا تذكر الشيعة وليس به أي معلومات تستند عليها المعلمة، فمن أين جاءت بهذه المعلومات الخاطئة والتي تنم عن نفس مريضة وداء يجب استئصاله قبل أن يستفحل في المجتمع ويهدم ما تقوم به حكومة هذا الوطن حفظها الله من كل سوء.
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
جامعة الملك سعود
وبالفعل تم التحدث مع المعلمة وفي يوم الثلاثاء 7 مايو 2002 م هاتفني الأستاذ محمد الجريبة من طرف معالي د. خضر القرشي، وقال لي أن معالي د. القرشي أوصاه بالاتصال وأخذ رأيي في موضوع المعلمة، وهل تكتفي الرئاسة بمسائلة المعلمة أم لا؟ وكان ردي هو أن تعتذر المعلمة لابنتي وأمام المديرة الأستاذة نوره العطيشان حتى تنتهي الحساسية من الموضوع وتعود المياه إلى مجاريها، وأبدى الأستاذ الجريبة رضاه عن ذلك، وبالفعل تم التحدث إلى المديرة وإخبارها عن ضرورة اجتماع المعلمة وابنتي وفي حضور المديرة لتعتذر لابنتي، وأخبرت ابنتي أن تحضر في حالة طلبها من قبل المديرة. ولكن ما حصل يوم الأربعاء 8 مايو 2002 م زاد الطين بله، وبدل أن تكحّلها المعلمة، عمتها، وأتت ابنتي باكية تحكي لي القصة، وهي كما كتبتها بخط يدها:
يوم الأربعاء 25/صفر/1423 هـ 8 مايو 2002 م
مدارس دار السلام
أخبرني أبي أنه قد أُستدعى من قبل المديرة لحل المشكلة وكنت أتوقع الاعتذار لكني فوجئت بالعكس تماماً، استدعوني فذهبت إلى مكتب المديرة في الإدارة وقد استدعوا المعلمة نورة القحطاني أيضاً، لكنها لم تحضر إلاّ بعد مدة، قالت المديرة أنها جمعتنا لإيجاد حل للموضوع، لكن المعلمة قالت أنها "المعلمة" ليس عندها مشكلة وهي لا تهتم لحضوري أو غيابي عن الحصة، وتقول أن هذا مذهبها ولن تستغني عنه أبداً، فردّيت وقلت أني لا أطالبها بترك مذهبها ولا أحاول تشكيكها فيه، لكنه لا يحق لها أن تكفّر الآخرين وتتهمهم بالضلال.
قالت أن طالبة هي التي فتحت الموضوع، وسألت، ولا تستطيع أن تقول لها لا أعرف. فردّيت: ألا يوجد حل سوى قول أن الشيعة فرقة ضالة؟ قالت: أنها يجب عليها أن تتوسع وتبين صحة المذهب الذي تتبعه للطالبات، فقلت: أن هذا لا يستوجب اتهام الآخرين بالضلال، فنحن نعبد الله ونتبع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
المديرة نوره العطيشان قالت الكلام نفسه، فنحن جميعاً مسلمين بما أننا نتبع الرسول ونؤمن بالقرآن وما أنزله الله. فقالت المعلمة باستهزاء "أتريدينني أن أذهب إلى الطالبات وأقول أن الشيعة ليسوا ضالين، هذا يكون كفر بحقي"، تعجبت لكلامها لأن حسب ما تعلمته في السنوات الماضية أنه لا يمكن أن نتهم أي شخص وبالأحرى المسلم بالضلال والكفر لأنه يشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله، وهذه المعلمة تقول أن إطلاق كلمة مسلمين علينا تعني كفر، وأكملت حديثها بقولها: أن العلماء قالوا ذلك، وكفّرنا بعضهم، وأن مذهب أهل السنة والجماعة هو المذهب الصحيح، وما سواه خاطئ، وقالت أنها لولا خوفها من أهلي لأتت بكتب تثبت ذلك. وازداد تعجبي فوق كل ما قالته تريد أن تشككني في ديني، ماذا تظن؟ أتعتقد أنها تدعو بوذية أو هندوسية إلى الإسلام؟
حاولت المديرة التدخل وقالت أنه بما أننا نتبع الرسول ونؤمن بالله، فنحن إنشاء الله من الناجين من النار. غضبت المعلمة وقالت أنها درست 4 سنوات من هذا الكلام وأكّد لها الكثير من الناس الذين تعرّفت عليهم في دور التحفيظ أن الشيعة فرقة ضالة. وتقول أنها لم تتهمني شخصياً وهذا يكفي ويبرء موقفها لأنها تعتقد أنها لم تفعل شيئاً خاطئاً. وتقول أنه كانت هناك طالبة شيعية موجودة في المدرسة ودرّستها إحدى معلمات الدين التي تعرفها وكان الدرس عن الغلو، وتطرّقت المعلمة إلى تعريف الغلو ومن هم الغالون، وتقصد أن مذهبنا فيه غلو ونحن الغالون، وأن الطالبة لم تناقش مع المعلمة ولم تفعل أي شيء. وتقول أيضاً أن بعض معلمات الدين اللاتي تعرفهن في المدرسة، أنه من المفروض أن تكرهني وأن لا تعطيني علامات جيدة وكأنها تلمّح إلى أن سكوتها على وجودي شيء يجب أن أشكرها عليه.
أخبرتها المديرة نوره العطيشان أن ما أطلبه هو اعتذار بسيط ينهي الموضوع، لكنها ردت وقالت أأضحك على نفسي وعليها!
وهددتني بقولها أنه ليس من المفروض أن تعطيني 5 درجات في المشاركة لعدم حضوري حصتها، وأنه لو كانت هناك معلمة غيرها ما أعطتني هذه الدرجات، وغضبت كثيراً وقلت "إذا كانت مدارس دار السلام للسنّة فقط، فأنا مستعدة أن أتركها". فقالت المديرة أن هذا ليس صحيحاً وكررت قولها أننا كلنا مسلمون. وأنا أوافقها الرأي، لكن المعلمة رفضت بقولها أن الرسول قال أن هناك 72 فرقة ستدخل النار، ردّيت عليها بأنه لا أحد يعرف من هي الفرقة الناجية، وكل شخص يعتقد أن ما يفعله صحيح، فردّت بقولها أن هذا مذهبها ويجب أن توضحه للطالبات، وتقول أنه لو كنت معلمة وكنت أقوم بتدريس الطالبات الشيعيات، وكان المنهج شيعي وكنت أنا معلمة مقتنعة بالمذهب حريصة على تعليمه للطالبات فلن أكترث بالطالبة السنية، وسأتهم السنة بالضلال، وأني لو لم أفعل ذلك فسأكون معلمة مهملة لا تؤدي دورها التربوي. ثم وجهّت كلامها للمديرة وقالت لها أنها لو حضرت الدرس ولم تقل هي (المعلمة) هذا الكلام للامتها واتهمتها بالتقصير لأنها لم تتوسع في الدرس. رديت عليها بالقول: التوسع هو اتهام الآخرين بالضلال ونشر العنصرية؟
كررت المديرة كلامها أننا جميعاً مسلمون لكن المعلمة مازالت رافضة للموضوع ومصرّة على رأيها وتنظر إلي بنظرة استحقار، وقالت المديرة أنها لا تعرف من المخطئة وهي لا تنحاز إلى أي منا، فقالت المعلمة للمديرة "يجب أن تكوني مع العقيدة الصحيحة (وتقصد نفسها). استمر جدالنا الغير هادف أكثر من ساعة وكل مرة تتكلم فيها المعلمة تتهمنا بالضلال والكفر من جديد، وكأني ذهبت لمكتب المديرة لأهان، وأُذل أكثر و أكثر.
فالمديرة لا تريد أن تقول من المخطأة ولم تجد أي نوع من الحل، وفوق ذلك يريدون إقناعي أن حقي لم يضع، وتصر المعلمة بأنها لم تخطئ ولن تعتذر، وخرجت باكية متضايقة جداً ومتمنية أنني لم أذهب لمكتب المديرة أصلاً، ولم أقابل المعلمة، فكل ما جنيته من هذا الاجتماع هو المزيد من الإهانة والإذلال وإثبات أن حقي من المستحيل أن أحصل عليه.
وفي نفس الوقت تحدثت مع الأستاذ الجريبة وأخبرته ما حصل، وأعطيت ابنتي الهاتف لتشرح للأستاذ الجريبة ما حصل لها، وقمت بإرسال ما كتبته ابنتي إليه وكذلك أرفقت ذلك بخطاب كتبته لمعالي د. خضر القرشي، نائب وزير المعارف لشؤون تعليم البنات، وهذه نسخة من الخطاب:
الأربعاء 8 مايو 2002 م
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي نائب وزير المعارف لشؤون تعليم البنات، حفظه الله،
أولاً أو أن أشكر معاليكم الشكر الجزيل على تجاوبكم مع قضية ابنتي في مدارس دار السلام، والحقيقة أنني لم أتوقع اتصال معاليكم الشخصي مباشرةً، وهذا يدل على اهتمام معاليكم بأهمية الحفاظ على حقوق المواطنين والحفاظ على الوطن بشكل عام من التصرفات الفردية التي تريد أن تشعل نار الطائفية البغيضة، أعاذنا الله وإياكم منها. لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "ما تزال الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"، وإثارة النعرة الطائفية والتكفيرية للغير هي تهدف لتمزيق وحدة الوطن وإشعال الفتنة بين أفراده.
لقد اتصل بي الأستاذ محمد الجريبة يوم أمس الثلاثاء الموافق 24 صفر 1423 هـ (7 مايو 2002 م) حوالي الساعة 1:18 مساءً، وبتوجيه معاليكم، وإني لأُكبر لمعاليكم هذا الحرص الشديد لما فيه المصلحة العليا للوطن. وأخبرني الأستاذ الجريبة بأن معاليكم أمر بمسائلة المعلمة، وأن المعلمة قالت فيما قالت: بأن طالبة سألت "العنود آل الشيخ" وأنه لولا سؤال الطالبة لما حدث ما حدث، وأن هناك إجراءات تم اتخاذها حتى لا تتكرر هذه المشكلة. وأردف الأستاذ الجريبة بأن معاليكم أمر بالاتصال بي لأخذ رأيي في الموضوع، وهل يتم الاكتفاء بما تم اتخاذه أم لا؟ لقد أخبرت الأستاذ الجريبة برأيي حول الموضوع، وكنت قد طلبت من ابنتي الحضور في حصة المعلمة، وقلت لها أنني لن أجبرها على الحضور. وكان رد ابنتي أنها لن تحضر لأن المعلمة أهانتها وأهانت مذهبها ولم يتم معاقبة المعلمة على ما فعلته. وخاصةً أن الطالبة العنود آل الشيخ قامت بالدفاع عن المعلمة وبدأت بالتطاول في الكلام على ابنتي وبنبرة طائفية. وأنا هنا لا ألوم الطالبة، فهي استقت معلوماتها من المعلمة, وطالما أن المعلمة أهانت ابنتي، أعطى فرصة للطالبة أن تفعل الشيء المشابه. لذلك أخبرت الأستاذ الجريبة، كما أخبرت المديرة نوره العطيشان، بأن تقوم بجمع ابنتي والمعلمة أمامها لتعتذر المعلمة لابنتي، لا أكثر ولا أقل، لاعتقادي بأن ذلك سيسهل الموضوع، وتقليل الحرج على المعلمة، ووجود المديرة كشاهد في المسألة. أخبرت ابنتي أن المديرة ربما تطلبها للاجتماع مع المعلمة لتعتذر لها، ولكن للأسف، فما حصل فاقم الأمر، وأتت ابنتي باكية.
لقد قامت المعلمة بإعادة ما قالته من قبل وبإصرار، حتى أنها تختلف مع المديرة، بل وصل التطاول أن قالت لابنتي بما معناه "لولا خوفي من والديك لأحضرت لك كتباً تبين ضلال الشيعة". فهل الهدف من اجتماعها مع طفلة في ثاني متوسط هو لإلقاء محاضرة عليها وتشكيكها في مذهبها، مع قناعتي بأن هذا خارج الموضوع أصلاً، خاصةً أن ابنتي لا ناقة لها ولا جمل، ولم تثير موضوع الطائفية أصلاً، وأن المعلمة هي التي قامت بذلك. إن إصرار المعلمة على ما فعلته، وقولها بأن اعتذارها لابنتي يتساوى مع الكفر، وأن الاعتراف بأن الشيعة فرقة ليست ضالة يخالف مذهبها وهي لا تستطيع أن تقول إلاّ ما قالته، وإلاّ كيف ستفسر المعلمة بأن هناك فرقة ناجية واحدة "الفرقة التي تنتمي إليها المعلمة" وإن هناك فرق ضالة موجودة "الفرقة التي تنتمي إليها ابنتي"، يعني أننا في مواجهة مع معلمة تُغرد خارج السرب ويجب على الوزارة أن تتعامل مع هذا الموضوع بحزم يجبر مرضى النفوس أصحاب الغلو أن يتراجعوا عن تصرفاتهم، أو يفقدوا وظائفهم، فلا مكان للتطرف في مجال تعليم أولادنا رجال وأمهات الغد وأمل المستقبل، و إلاّ أصبحت مدارسنا أوكاراً لمرضى النفوس ومن يريد شراً بهذا الوطن، حفظه الله من كل مكروه.
لقد طلبت من ابنتي أن تكتب ما تستطيع أن تتذكره خلال الساعة التي كانت فيها مع المديرة والمعلمة، وسأقوم بإرسال ما كتبته في أقرب وقت ممكن. كذلك طلبت من ابنتي أن لا تحضر حصة المعلمة، ولكن يبدو أن المعلمة استطاعت أن تضغط على ابنتي حول موضوع الدرجات والمشاركة، ولا زلت مصراً أن حضور ابنتي في حصة هذه المعلمة يعتبر خطأً يشجع المعلمة على تلك التصرفات الحمقاء والغير مقبولة دينياً وخُلُقياً، وخلافاً لأوامر ولي الأمر حفظه الله، فنحن الشيعة وإن كان هناك اختلاف بيننا وبين المذاهب الأخرى، فهو لا يعدو مماثلاً للاختلافات الحادثة بين المذاهب الأربعة نفسها، فكل مذهب مختلف، لا مخالف.
حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم لما فيه مصلحة هذا الوطن وأهله
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
جامعة الملك سعود
وفي يوم السبت الموافق 11 مايو 2002 م قمت بإرسال نسخة مما كتبته ابنتي إلى فاكس مديرة المدارس الأميرة منيرة الفيصل، وكذلك أرسلت لها فاكس به نص الرسالة التي أرسلتها السابقة إليها ليكون لديها علم بما فعلت وبما أنوي أن أفعل. وتحدثت مع المديرة الأستاذة نوره العطيشان ولمدة تزيد عن نصف ساعة، وإني لأكبر في هذه المرأة حرصها الشديد على مصلحة الطالبات ومحاولتها رأب الصدع، ولكن يبدو أنها لم تستطع ذلك، وهذا ليس خطأها بل الخطأ هو نفسه "الطائفية البغيضة" التي تربت وترعرعت في المدارس الدينية وفي المناهج المدرسية والجامعية. فكيف بطالبة تتخرج من الثانوية لتلتحق بالجامعة ويتم حشو دماغها، أو بالأحرى غسيل مخ ولمدة أربع سنوات (زيادةً على الإثنى عشرة سنة) بالكراهية والحط من الغير وتستعين بفتاوى المشايخ الذين لهم القدر الرفيع في الدولة لتثبت صحة ما تقول، فكيف يمكن إقناعها بعكس ذلك، إذا لم تكن الدولة راغبة في منع هذه الفتاوى أو طبع هذه الكتب، أو على الأقل إعطاء الطرف المتضرر الفرصة للرد. ولهذا السبب رفضت المعلمة الاعتذار لابنتي باعتبار ذلك كفراً، وأنه لا يمكنها القبول بأن الشيعة مسلمين.
لقد قلت للأستاذة نوره العطيشان بأنني لن أتردد في نشر كل ما لدي من مراسلات مع المدرسة والرئاسة إذا لم يتم طرد هذه المعلمة من المدرسة، وطلبت منها المساعدة في رفع معلومات تفيد بأن المعلمة لم تلتزم بالمنهج وخالفت صراحةً القوانين الخاصة بالتدريس ونشرت أكاذيب وكفّرت مواطنين، وبالتالي أذكت نار الطائفية والتي لربما ينكوي بنارها الجميع. وفي يوم الاثنين الموافق 1 ربيع الأول (13 مايو 2002 م) تحدثت مع الأستاذ محمد الجريبة بمكتب معالي د. خضر القرشي وأخبرته أنني أنتظر طرد المعلمة وأنني حريص جداً على عدم تكبير الموضوع ولكن إذا ما فقد الأمل في أخذ حقي وحق ابنتي من معلمة الدين حتى لا تتكرر مشكلة الطائفية في المستقبل، سأضطر لنشر "غسيل" المدرسة والرئاسة، وإن جميع المراسلات هي موجودة لدي وكتبتها في مقالة. وأخبرت الأستاذ الجريبة أنه لو كانت مجموعة أو طائفة أو عائلة تم وصفها بالكفر أو الضلال من قبل معلمة الدين لتم فصلها فوراً ومحاسبتها حساباً عسيراً، فلماذا لا يكون ذلك عندما يتعلق الأمر بالشيعة؟ ووعدني بأن يكون مع نهاية الأسبوع انتهاء التحقيق والبت فيه.
وحتى بعد مرور أشهر على الحادثة وحتى كتابة هذه السطور لم تتم معاقبة المعلمة، وأعتقد أن السبب هو الوضع الحرج للرئاسة وغياب قرار حكومي واضح في موضوع الطائفية. فلربما القرار ليس في يد الرئاسة أصلاً، ومع احترامي وتقديري الكبير للدكتور خضر القرشي، وثقتي في إخلاصه لعمله، لكن الأمر ربما أكبر من أن يستطيع شخص واحد ولو كان في منصب عالٍ بحل مشكلة لم تتدخل الحكومة لحلهّا أصلاً. إضافةً إلى أن منتديات الإنترنت المتطرفة مليئة بالتهم للدكتور خضر القرشي بأنه علماني، وفي حالة طرد المعلمة سيكون "للسلفيين، أو المطاوعة، أو غيرهم" الدليل على كفر د. القرشي، فكيف له بطرد معلمة أدت أقل من الواجب بوصفها الشيعة بالضلال، أو بالكفر، فهم "المتطرفون" يرون أن الشيعة يستحقون القتل، ويتهمون الشيعة بأنهم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى، ولذلك يقومون بتوجيه سيوفهم لا على اليهود المحتلين لفلسطين، بل على أبناء الشعب المسلم في وطنهم، وعلى كل من يخالفهم الرأي، فكل مختلف عنهم يعتبر مخالفاً للدين، وبالتالي تأتي الفتوى بإباحة دمه وعرضه وماله.
وفرضاً تمت معاقبة المعلمة، ماذا عن بقية الأحداث الطائفية التي تجري في الوطن، وهل ستتم معاقبة د. بدر حمود البدر، أو كل شخص يتجنى على الشيعة؟ وهل سيتم تغيير المناهج الدينية الجامعية التي تنال من الشيعة؟ وهل سيتم منع طبع أي كتاب يكفّر الشيعة أو يصفهم بالضلال؟ وهل سيتم طرد أي شيخ يفتي بضلال الشيعة؟ وهل سيتم إصدار فتوى من مجمع الإفتاء ينفي الضلال والكفر من الشيعة المواطنين؟ وهل سيصدر قرار حكومي واضح بمعاقبة من يتجنى على أي فئة من المواطنين ووصفهم بصفات تنتقص من اعتقادهم ويحاول إذكاء الفتنة الطائفية والعمل على تفتيت وحدة الوطن؟
فهل بعد كل هذا يستطيع أحد الادعاء بأنه لا توجد تفرقة بين الشعب الواحد، وأنهم متساوون في الواجبات والحقوق؟ في الواجبات! ربما، أمّا في الحقوق؟ لقد أصبح هذا الكلام أقرب للدعابة منه إلى الواقع.
د. محمد جعفر هاشم آل حسن
جامعة الملك سعود