ماذا جنى الوطن من هذه المحنة؟

 

إلى الأخوة والأخوات الأعزاء،

عندما كتبت ما كتبته ونشرته على شبكة الإنترنت، لم أكن أتوقع أن يكون موقعاً صغيراً يحمل قضية شخصية تبحث عن الحل، لم أكن أتوقع أن يحدث ما حدث، ولم أتصور أن أتعرض لهذا السيل من الاتهامات والتهديد بالقتل، وفتاوى إباحة الدم، وتزوير باسمي وانتحال شخصيتي الخ.

كل ما كنت أرجوه وأتحدث عنه، هو أني مواطن ينتمي لهذا الوطن المعطاء وأن من حق أي مواطن أن يحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة، بغض النظر عن انتماءه العقيدي.  إن المادة الثانية من دستور بلادنا حفظها الله من كل مكروه يبين أن المواطنين متساوون، وهذا ما شجعني على الكتابة ونشر الموضوع برمته للحصول على حقي وحق أطفالي، فأنا مواطن أولاً وأخيراً.  إن حبي لوطني لا يعلوه شيء ولن أرضى أن تكون صورته الجميلة العالقة في ذهني قبل أحداث سبتمبر أن تختفي، فقد كان العالم يعتبرنا شعباً مسالماً (ولا زلنا) وكان جوازنا الأخضر هو إشارة مرور إلى كل بلاد العالم.

إن بلادي، بلادنا بما حباها الله من خير وهيأ لها من حكومة رشيدة تقيم شرع الله لن ترضى أن تُنتقص حقوق أي مواطن فيه، وهذا ما جرأني على الشكوى، ولكن بدل أن يأخذ الموضوع منحى قانوني وموضوع التسامح بين أبناء الوطن، قامت فئة (هداها الله وهدانا أجمعين) بنشر كل ما يحويه قاموس الغلو والعنف والكذب والتطرف على الشبكة طعناً في شخصي، لا لسبب سوى أني من المواطنين الشيعة، وهذا ما لا أخفيه والكل يعرفه.  وكان الأجدر بهذه الفئة أن تترفع عن هذه الألفاظ وتدع القانون يأخذ مجراه، ومن له حق يأخذه بالقانون، ونحن في بلد القانون لا في بلاد الغاب.

أنا هنا أشكر كل من دعم قضيتي، وهي قضية عادلة أردت أن أسمعها للمسؤولين ولجميع المواطنين، ولكن لم أتصور يوماً أن يصبح هاجسي الرئيس هو الدفاع عن نفسي وكأني مجرم، فهل ما ذكرت يستوجب كل ذلك؟  إن صوت العقل والمنطق هو الذي يجب أن يسود علاقاتنا ببعضنا البعض كمواطنين، فالوطن هو همّنا الأول والأخير ودفاعنا عنه واجب يقتضيه الدين والخلق.  ولكن للأسف أصبح من يتجول على الشبكة ويرى ما نحن فيه من توجهات البعض، وهم قلة (هداهم الله)، تدعو بالثبور وعظائم الأمور على كل من يخالفها في الفكر، ولا تعترف بقانون وتريد التخلص من كل من تعتقد أنه يخالف مبدأها.

لقد أصبحت سمعة وطننا في الخارج سيئة إلى أبعد حد بسبب هذه الجماعة والتي بإذن الله سترى الحق يوماً ما، وأن الوطن للجميع، ولا فرق بين المواطنين وأن الدولة حفظها الله ستقوم بالضرب بيد من حديد على كل من يهدد أمن الوطن والوحدة الوطنية.

لكم تمنيت أن تردني رسائل تختلف معي في الطرح ولا تهاجمني شخصياً أو تهاجم مذهبي، وأن تدعو بالحسنى وأن ترضى بالنقاش العلني أو بالمراسلة، ولكن للأسف، فالرسائل، وإن كانت قليلة، فهي تهدد وتتوعد وترسل كتابات كلها سلبية عن مذهبي، ورسائل تدعو لطرد الشيعة من المملكة وغيرها.  أما الرسائل الأخرى، وهي الأكثر فهي رسائل تأييد، ومن ينظر الصفحة يرى الكثير منها، وهي تمثل أغلبية أهل هذه البلاد حفظها الله.  إن ما حدث بين لي بشكل أوضح مما كنت أتصور أن أكثرية المواطنين لا ينظرون إلى بعضهم البعض نظرة تفريقية وطائفية، ويعتبرون أن الجميع مواطنون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.  وهذا ما سرّني بشكل كبير حيث تواصلت مع المئات منهم خلال الشهر المنصرم ورأيت كيف أننا شيعة وسنة، أو أي مذهب آخر أخوة في الله مواطنين مسلمين تجمعنا كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويجمعنا حبنا لوطننا ورغبتنا في رفعة شأنه.

إن سمعة وطننا في الخارج يجب أن نعطيها اهتماماً كبيراً وهذا بيدي وبيد كل مواطن حر شريف يحب هذا الوطن، وما أكثرهم.  وأرجو من الأخوة الذين دعموني في هذه القصة أو القضية أن يترفعوا عن النيل من الآخرين وأن لا يواجهوا السيئة بالسيئة، ولكن أن يواجهوا السيئة بالحسنة، ونحن وإن اختلفنا، لا نزال أمة واحدة يريد الله بها أن تقود الأمم، فنحن مع الحق والله ينصر من ينصره.

وأعتذر لجميع زوار الصفحة ممن راسلوني إيجاباً أو سلباً، أعتذر للجميع، فأنا لم أشأ أن أدخل في متاهات، ولم يرد في خاطري كل ما حصل، ولكن رب ضارةٍ نافعة، وكان كل أملي أن نرقى بهذا الوطن وأهله، حفظ الله وطننا وقيادته من كل مكروه.